الشيخ مجيد العقابي أصبح العالم الرقمي اليوم جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. منصات التواصل الاجتماعي، التي وُجدت في الأصل لتقريب المسافات بين البشر، تحولت في كثير من الأحيان إلى مساحة مليئة بالأقنعة. خلف الصور الجميلة والابتسامات المصطنعة تختبئ مشاعر الوحدة، التوتر، وأحيانًا الاكتئاب. هذه المنصات، التي تبدو وردية في ظاهرها، قد تخفي وحوشًا تهدد السلامة النفسية والاجتماعية. بين الواقع والصورة المثالية قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): “الإنسان مخبوء تحت لسانه، لا تحت طيلسانه”، في إشارة إلى أن ما يظهره الإنسان قد لا يعكس حقيقته. هذا ينطبق تمامًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقوم الأفراد بعرض نسخ مثالية من حياتهم لا تعكس بالضرورة واقعهم الحقيقي. • صور السفر المثالية: قد تُظهر منشورات السفر حياة مرفهة وسعيدة، بينما يخفي صاحبها ديونًا، ضغوطًا نفسية، أو حتى مشاكل أسرية. • النجاحات المهنية: يُبدي البعض إنجازاتهم المهنية بشكل مبالغ فيه، مما يُشعر الآخرين بالدونية أو الفشل، دون أن يكشفوا عن الجهد أو العقبات التي واجهوها. • العلاقات الاجتماعية: صور الأزواج أو الأصدقاء السعيدة قد تكون واجهة لعلاقات مضطربة. آثار التواصل الاجتماعي على النفس والمجتمع أظهرت دراسات نفسية حديثة أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى: 1. الاكتئاب والقلق: بسبب المقارنة المستمرة بين حياة الفرد وحياة الآخرين كما تُعرض على هذه المنصات. 2. تزييف الواقع: يعتاد الإنسان على عرض نسخة محسنة من نفسه، مما يفقده الشعور بالأصالة. 3. العزلة الاجتماعية: رغم أنها تُسمى “وسائل التواصل”، إلا أنها غالبًا ما تؤدي إلى انعزال الأفراد عن الواقع الحقيقي. آراء العلماء ناقش علماء النفس والاجتماع، مثل شيري توركل في كتابها “Alone Together”، كيف أن التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها وسائل التواصل الاجتماعي، جعلت الناس يشعرون بالوحدة أكثر من أي وقت مضى. كما أوضح توركل أن العلاقات الرقمية تعطي وهمًا بالتواصل، لكنها في الحقيقة تفتقر إلى العمق الذي توفره العلاقات الحقيقية. الوعي في مواجهة القناع الرقمي قال الإمام علي (عليه السلام): “كل وعاء يضيق بما جُعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع”، وهذه دعوة للتعلم والوعي بما يدور حولنا. وسائل التواصل ليست سيئة في ذاتها، لكنها تصبح أداة خطر إذا لم نستخدمها بعقلانية. علينا أن نتعلم كيف نتفاعل مع ما نراه بحذر، وألا نسمح لهذه المنصات بأن تصنع معاييرنا أو تحكم على نجاحنا. دعوة للتأمل والمشاركة “قناع التواصل الاجتماعي” هو واحد من الأقنعة العديدة التي تسعى سلسلة “وحوش بألوان وردية” إلى كشفها. شارك المقال مع الآخرين وساهم في رفع الوعي بهذا الموضوع المهم. |
العراق - بغداد - عنوان المستقبل